واحدة من أغرب قصص اختراق التيار الإسلامي
يهودي يصلّي بالناس في أحد مساجد الجزائر
إذا كانت وقائع هذه الحادثة الفريدة تعود لمطلع التسعينيات، حيث كانت جبهة الإنقاذ المحلة في أوج انطلاقتها وكانت أبواب الانخراط فيها مفتوحة على مصراعيها، فإن خطر تزويج الجزائريات من الأجانب دون القيام بالتحقيقات اللازمة حول هوياتهم يطرح نفسه بقوة اليوم في ظل ''الانفتاح'' الاقتصادي.
وفي واحدة من أغرب قصص ''اختراق'' التيار الإسلامي والمجتمع الجزائري عموما، أمكن الوقوف على حقيقة مأساة تعرضت لها مواطنة جزائرية ذنبها أنها رغبت في ''الستر''، فلم ترفض العرض الذي تقدّم به شخص يبدو عاديا وملتزما، وأكثـر من ذلك ''تطوّع'' ليصلي بالناس في المسجد.
الحكاية توجد في أرشيف المحامية بن براهم التي رافعت في القضية عام 1993، وتمكّنت من الحصول على ورقة الطلاق لهذه السيدة عن طريق الخلع.
وفي مقابلة مع ''الخبر'' شددت المحامية بن براهم على أن الكشف عن هذه الحادثة الخطيرة يدخل في إطار واحد، وهو واجب إثارة انتباه الجهات المعنية إلى خطر الزواج المختلط، في ظل ''التسهيلات'' التي جاء بها تعديل قانون الأسرة الأخيرة في المادة 31 منه، عندما جعل ''زواج المسلمة من غير المسلم مانعا مؤقتا بعدما كان مانعا دائما''.
لغز ''الإزار الأزرق'' كل يوم سبت
تفاصيل القصة، حسب رواية المحامية بن براهم بعدما اعتذرت إحدى قريبات الضحية أول أمس عن الحديث لـ''الخبر'' في الأمر، تعود إلى سنوات التسعينيات كانت خلالها الضحية ما تزال تستمتع بحياتها الزوجية، وكانت تقوم بدور المرأة الصالحة كما يجب، ومن ذلك تنفيذ طلبات غريبة لزوجها الذي كان يطلب منها كل يوم سبت تحضير طبق كسكس باللبن أو ''الرايب'' فقط دون الحاجة إلى ''المرقة''، وكان يطلب منها أيضا غسل إزار أزرق ونشره تحت أشعة الشمس، والأكثـر من ذلك كان يحذرها من الظهور أمام ضيوفه أو حتى الاقتراب من الغرفة حيث يوجدون.. وفهمت المسكينة مع مرور الوقت أن زوجها ينشط سريا في الحزب المحل، خصوصا وأنه كان ملتحيا، والأمور بدأت تفلت من الناحية السياسية، فعملت كزوجة وفية على ستر زوجها وعدم التدخل في شؤونه.
لكن الأوضاع انقلبت رأسا على عقب ذات يوم سبت عندما تعرضت بنتها الصغرى لحالة إسهال شديدة، وكان لزاما عليها نقلها إلى مرحاض البيت الذي يقع بالقرب من غرفة الضيوف، وهنا تفاجأت الزوجة لدى مرورها من سماع كلام غير مفهوم ينبعث من غرفة الضيوف.
ولهول الوضع اتصلت الزوجة بأخيها لتبلغه بما سمعت وبأنها غير مرتاحة لما يجري في بيتها، وتم الاتصال بمصالح الأمن لمعاينة الأمر، فكلفت الزوجة بوضع مسجل صوتي داخل مزهرية في غرفة الضيوف، وكانت المفاجأة الكبيرة بعد تحليل الشريط السمعي أن الزوج ''الإمام'' لم يكن سوى يهودي، وكان يؤدي رفقة ضيوفه صلاة اليهود كل يوم سبت، وأصبح مفهوما لماذا كان زوجها يأمرها بوضع إزار أزرق، فقد كان علامة لضيوفه بأن المكان آمن، أما مسألة طبق الكسكسي بدون ''مرقة''، فهو راجع لأن اليهود يوم السبت لا يشعلون النار ولا يأكلون اللحم.. لكن اللغز المحير هو كيف تمكن من الهرب رفقة جماعته عندما حاولت مصالح الأمن القبض عليه؟ وعندما سئلت المحامية بن براهم عن هذا الأمر قالت ''إنه نفس السؤال الذي لم أحصل على إجابة له، فقد أخبرتني عائلة موكلتي بأنها لم تر الزوج الهارب منذ اكتشاف أمره''، وأضافت بن براهم أن ''الدعوى القضائية رفعت بعنوان الإهمال العائلي، وبعد مراسلة الزوج على عنوان بيت الزوجية عدة مرات بدون رد حصلت الضحية على ورقة الطلاق''.
حلول لمنع ''الاختراق عن طريق الزواج''
تقول الأستاذة بن براهم إن الزوجة المسكينة طاش عقلها ولم تتقبل على الإطلاق حقيقة ''وقوعها ضحية لجاسوس يهودي استغفل الجميع عندما قال لهم يوم جاء يطلب الزواج منها بأنه يتيم بدون أهل وأن اسمه هو داود، قبل أن يتزوجها وينجب منها ثلاثة أبناء''.
ولهول الصدمة التي ألمت بهذه الزوجة فقد حاولت أكثـر من مرة قتل أبنائها بحجة أنهم يهود، لكن المحامية بن براهم تقول إنها ''أفهمتها أكثـر من مرة بأن الديانة اليهودية تكتسب عند اليهود من الأم وليس من الأب''، وأضافت بن براهم أن ''هؤلاء الأبناء اليوم على مستوى عال من الأخلاق وهم يدرسون''.
ونظرا لأن الزوجة الضحية ما تزال إلى اليوم تحت تأثير الصدمة، تقضي كل وقتها في الصلاة والاستغفار من ''ذنب الزواج من يهودي''، اتصلت ''الخبر'' بالشيخ يوسف إمام مسجد العربي التبسي بحي ''الشمس والبحر بحسين داي'' الذي أوضح بشأن الرأي الشرعي في زواج هذه السيدة، بالتأكيد على أنها ''غير آثمة بزواجها لأنها كانت تظنه مسلما، كما أن أولادها حتى ولو ولدوا من أب يهودي، فهم مسلمون ويكفي لذلك أن ينطقوا بالشهادتين''، داعيا إياها إلى احتضانهم مجددا وتربيتهم على تعاليم الإسلام.
وبالنسبة للمحامية فاطمة بن براهم التي تعالج قضايا كثيرة مشابهة للقصة المذكورة آنفا، فإن ''المطلوب- تفاديا لتكرار مثل هذه المأساة- هو إخضاع الزواج المختلط للإجراءات المنصوص عليها قانونا والتي تقضي بعدم تسجيل عقد الزواج في البلديات ما لم يحصل الزوجان على ترخيص إداري موقع من طرف والي الولاية بعد خضوع الشخص الأجنبي الراغب في الزواج لتحقيق أمني وإداري يحدد هويته وديانته''. وفي السياق ذاته، سألت ''الخبر'' خبيرا عسكريا متقاعدا حول حقيقة ''اختراق'' الجماعات المسلحة من طرف أشخاص أجانب في الدين والجنسية، فأكد ''وجود اختراقات من هذا النوع حيث تم بالفعل إحالة أجانب على العدالة في قضايا مشابهة''.