:: خبر .. غير عاجل! ::
تقدم وسائل الاتصال، من الهاتف المحمول، مروراً بالرسائل
النصية ، والرسائل المتعددة الوسائط، وليس نهاية بالتدفق
الإخباري الذي يغشى إنسان اليوم في كل سكنة من سكناته ،
فمن تلفاز يشاهد فيه الأخبار ويقرأ فيه شريطاً آخر للأخبار،
إلى إذاعة يستمع إليها وهو يتنقل من مكان إلى آخر، إلى
صحيفة يتأبطها، و حتى جلوسه أمام جهاز الكمبيوتر ،
يجعل الأنباء تحيط به إحاطة السوار بالمعصم ،
حتى لتخشى أن يقفز الخبر من شاشة التلفاز و جهاز الهاتف
وصوت المذياع ليستقر في حضنك يوماً من الأيام .
من يتخيل نفسه يعيش بضع ساعات، وليس بضعة أيام
بلا أخبار توشك أن تدخل في أذنه حتى لو كان يسعى لحشو
أذنيه بالقطن هرباً من هذا التدفق الإخباري المهول؟
هذا السباق المحموم في الخدمة الإخبارية ، نمّى لدى عامة
الناس الحس الصحفي ، فبات الناس يتعاطون مع مفاهيم
الخبر العاجل، و تعدد المصادر لتأكيد الخبر ، وهو ما جعل
الناس الذين كانوا متلقين للخبر ، يتحولون إلى مخبرين
من طراز نادر .
كم من خبر نقلته صحيفة يومية، أو قناة إخبارية، مصدره
متلقٍ عادي ، تحول من الدور الذي كان يقوم به شاهد العيان
على حدث ما،إلى نقل الخبر بالصورة، سواء كانت صورة
فوتوغرافية،أو صورة فيديو، والصورة في عالم الصحافة
والإعلام تغني عن آلاف الكلمات .
لقد نقل هذا التطور في عالم وسائل الاتصال، المجتمع الذي
كان يبدو صامتاً ليس في نظر الآخر الخارجي ،بل حتى في
نظر أبنائه ، ليفاجأ الجميع بمجتمع يستبدل الصمت بالصراخ،
والهدوء بالضجيج ، وكأن ما كان تحت الطاولة رفعت عنه
الحجب فأصبح فوقها ،أو كأن الطاولة الخشبية ، تحولت
طاولة زجاجية شفّافة .
صدم الكثيرون بحقائق مجتمعية وتصرفات تنبو على ما
اعتادوه أو ربما كانوا يغمضون أعينهم ويصمون آذانهم
عن التعرف عليه، والحقيقة التي باتت ظاهرة للعيان ،
هي أننا مجتمع مثل كل مجتمعات الدنيا، لا ينغمس في
الخطيئة، لكنه لا يسبح في عالم الطهر والفضيلة .
أرق التحايا
* جريدة الوطن
الخميس أبريل 24, 2008 10:54 pm